بريق العينين !!
وقف فوق الشجرة عصفور صغير , معجبا بصوته و رشاقته يغني
و يتنقل من غصن إلى غصن .
رأته القطة , و يبدو أنها تمنت في نفسها أن يكون لها صيداً عزيزاً
, فوقفت تحت الشجرة متحفزة ,
تتابع بعينيها اللامعتين حركات العصفور ,
عله يهبط أو يقع على الأرض فيكون من نصيبها ,
ولعله يسهو و يقترب منها فتهجم عليه هجمتها الخاطفة ,
هجمة لا هوادة فيها ولا رحمة ,
أو لعله يخطىء و ينزل ليلتقط الحب فتنتهي قصته معها و يصبح وجبه شهية .
العصفور لمح القطه , رأى نظرتها المركزة عليه وهي متكئة على قدميها الخلفيتين ,
تنظر إليه في ثبات , أعجبه منظرها ,
و ظن انها معجبه به ,, ولِمَ لا .. ؟
انه يلهو و يلعب و يتنقل في خفه و رشاقة , ان حركاته بهلوانية رائعة !
حدثته نفسه أن يريها المزيد ,
فأخذ يتنقل و يطير هنا و هناك مرفرفاً يشدو بأعذب الألحان
و القطة واقفة عيناها تلمعان اللمعة المضيئة
و العصفور يرى هذه اللمعة و هذا البريق الساحر ,
فيظن انه الاعجاب الشديد من القطة ,
فيقوم بحركات اضافية أكثر خفة ورشاقة ..
و القطة كما هي ثابته منتظرة صبورة واثقه , لا يزيد فيها سوى بريق عينيها ,
لقد أدركت ان هذا العصفور أصابه الغرور و الاعجاب الشديد بنفسه ,
و هذا أول الطريق للسقوط و شعرت بأنها لن تنتظر طويلاً .
و بعد لحظات سقط العصفور اعياء من كثرة الحركة ,
سقط بالقرب من القطة قريـــــبا من عينيها ,
ورأى البريق في شدته و تأهبت القطة واستعدت وفردت جسدها " انه الانتصار "
لقد وقع الصيد , و أوشك الحلم أن يكون حقيقة .. تنبه العصفور ,
و شعر بأن هذا البريق ليس بريق الاعجاب , انه إنذار الخطر ,
حاول أن يطير .. لكنه كان قد فقد قواه من كثرة اللعب ومن شدة خوفه أيضاً
لقد أدرك الخطر اذن ,
لكن متأخراً , والثمن لا بد وان يكون حياته .
لكن .. قُدِرَ للعصفور أن يعيش , لقد كان هناك كلب ضخم ,
يتابع العصفور والقطة , ولمح الغدر في عيني القطة ,
فتدخل في اللحظة المناسبة ليحسم الأمر
أطلق نباحه عالياً .. هوهو .. هوهو .. هوهو ..
فانكمشت القطة في الحال و زاغت نظراتها و اختفى البريق
و أصبح كل همها أن تفر من الكلب ,
عندئذ استعاد العصفور قوته
وانطلق بجناحيه الصغيرين يرفرف بعيداً بعيداً
لكنه يبحث عن شجرة أخرى ليس تحتها قطة
و لعله تذكر قول الماما وهي تنصحه ذات مرة :
" إذا رأيت أسنان القطة .. فلا تظن أنها تبتسم "
و لنا في كل حكايه عبره
دمتم بحفظ الله
هبة